الشارع المغاربي-قسم الاخبار : المرحلة الثانية من مبادرة تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، تنطلق رسميا بعد الجلسة التي ستعقد يوم السبت في مجلس نواب الشعب لتجديد الثقة في حكومة الصيد، بعدها يفتح رئيس الجمهورية رسميا باب المشاورات لاختيار قائد الحكومة المرتقبة.
قبل هذا الحدث المهم ، خيّر الباجي قائد السبسي ان يتولى بنفسه مهمة التسويق السياسي والاعلامي لمبادرته، بما يمكنه من توضيح خفاياها وخلفياتها، بعد ما يقارب الشهرين من تصدرها سلم الاهتمامات داخل تونس وخارجها.
قائد السبسي خير ان يقود بنفسه حملة التسويق للمبادرة بعقد سلسلة من لقاءات مع ممثلين عن وسائل الاعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية، وفي اطار من الصراحة والوضوح، ورحابة الصدر يتيح ،والقول لرئيس الجمهورية، تقديم معطيات دقيقة عن مسار المبادرة وعن الوضع العام في البلاد،.
انطلاق اللقاء كان بتشخيص قدمه الرئيس ،لا يبعد اجمالا على ما جاء في لسانه خلال حواره التلفزي مع الزميل الياس الغربي بتاريخ 2 جوان .
تشخيص لم يقدم فيه قائد السبسي أي جديد يذكر ، بتكراره نفس الأرقام التي ذكرها في السابق والتي تلخص تردي الوضع الاقتصادي، مكتفيا بالتشديد على “ان تونس تتأخر ولن تتقدم” وبان كل المؤشرات الاقتصادية تجاوزت اللون الاحمر في تنبيه لخطورة ودقة الوضع .
ماذا يمكن ان يقال ويكتب اذن من رحم اجتماع دام اكثر من 3 ساعات مع احد اهم الفاعلين في الشان الوطني ؟
ما يمكن قوله بشكل شبه قطعي، ان رئيس الحكومة القادم سيكون سياسيا، وان قائد السسي عاقد العزم على عدم تجديد التجربة مع شخصية من خارج الدوائر السياسية ،و سيكون خليفة الصيد على الارجح من حزب حركة نداء تونس او قريب منه .
ما يستنج من حديث قائد السبسي ان مشاورات حصلت فعلا وشملت بعض الاسماء المتداولة لرئاسة الحكومة، ومع تجنبه ذكر الاسماء ، فان الرئيس لم يخف رفض البعض تحمل المسؤولية وتأكيد البعض الاخر ان الوقت الحالي غير ملائم لتولي منصب رئيس الحكومة
هل يكون رئيس الحكومة القادمة من نداء تونس ؟ الباجي لا ينفي ولا يؤكد ، لكنه لا يلمح الى ان هذا التوجه لم يجابه برفض قطعي من قبل الاحزاب والمنظمات المساندة للمبادرة .
الحديث عن رئيس الحكومة القادم يحيل بالطبع الى ملف حزب حركة نداء تونس ، والأزمة التي يعيش على وقعها منذ اشهر ، الباجي يؤكد انه لن يتدخل في شؤون الحزب باي شكل من الإشكال بل ويشدد على ان “ملف نداء تونس بات شأن لا يعنيه ولا يهمه” .
لكن الاهم من ملف نداء تونس ،هو قطعا ملف الابن حافظ قائد السبسي ، الذي استأثر بحيز هام من اللقاء ، من ذلك دوره السلبي في منظومة الحكم، ومسه من صورة وشعبية الاب ، بالإضافة الى التداخل المريب بين العائلي والسياسي وما انجر عنه من ازمات متتالية داخل نداء تونس،
الباجي الذي استمع بانتباه الى الانتقادات الحادة لكل المتداخلين ، اكد ان لقيادات نداء تونس حرية طرد حافظ قائد السبسي من نداء تونس ان ارادوا ذلك ، وللحزب حرية اختيار قياداته، قبل ان يستدرك وينخرط في الدفاع عن نجله مؤكدا انه يتمتع بالكفاءة السياسية وبالقبول داخل جزء من حزب نداء تونس.
الصرامة غابت عن الرئيس وهو يجيب عن انتقادات الموجهة لابنه بهدوء ، ليحتد صوته وهو ينفي عن نجليه أي شبهات فساد ، معربا عن التزامه التام باتخاذ كل الاجراءات في صورة يقدم أي شخص في تونس حجج تكشف ضلوع الابنين “خليل وحافظ” في أي فساد مالي كان .
الملف المهم الثاني الذي تحدث عنه الباجي قائد السبسي ،هو ملف رئيس الحكومة الحالي الحبيب الصيد ، في هذا السياق ثمن الرئيس قرار الصيد التوجه للبرلمان، مؤكدا انه لم يطلب منه في أي مناسبة من المناسبات تقديم استقالته من منصبه .
المعطى الثاني الذي كشفه قائد السبسي أثار الانتباه، بما أنه أكد ان خروج الصيد من حكم قائم على ائتلاف رباعي دون حدوث مشاكل يُعد والعبارة له “أعجوبة” ،متجنبا الخوض في المسائل الداخلية لتنسيقية الائتلاف الحاكم .
وفي المجمل ، يتجنب الرئيس الخوض بعمق في تفاصيل مبادرته ، متجاوزا ضروريات تقييم منظومة حكم ما بعد انتخابات 2014 ، مخيرا توفير الحشد والمناخ السياسي والاعلامي للانطلاق في ” مسار جديد ” ينهي الازمة الاقتصادية بالخصوص ، بحسب ما يستنتج من كلامه طبعا.
الباجي نزل بثقله لإنجاح المرحلة الثانية من مبادرة حكومة الوحدة الوطنية، مبديا تفاؤلا لم يجد البعض ممن حضر اجتماع اليوم ما يبرره خاصة وان الارقام التي قدمها من الممكن وصفها ببساطة بالكارثية والمرعبة ولا تبشر بخير.
خلاصة القول أن الرئيس يراهن للنجاح على آليات لا يعرفها الا هو ولخصها بقوله ” كان جيت نعرف اللي مافماش حلّ راني عمري ما ترشحت”.