الـــراقصة و النقابي ..

الـــراقصة و النقابي ..
سنة 2013 وعندما انقلب العسكر في مصر على أول شرعية انتخابية في تاريخ البلاد ، وتحت خمرة الفوز ومن خلال النيران التي تشتعل في رابعة وروائح الشواء البشري التي تملئ المكان ، أطلت الراقصة المصرية فيفي عبدو لتطالب ثوار 25 يناير بالاعتذار من حسني مبارك ، مشيدة بالمخلوع الذي قالت عنه انه "ابو المصريين الذين أساءوا معه الأدب" ، بينما تعدى المطرب المصري ثامر امين الاعتذار الشخصي ليطالب الشعب المصري كله بالاعتذار "على الشعب المصري ان يتقدم بالأسف والامتنان للرئيس السابق" .
في الحقيقة لم يكن ذلك كل شيء فبعد الانتكاسة التي شهدتها الثورة المصرية سارعت الكثير من الشخصيات الى الاعتذار من مبارك وإبداء الندم على تأييد ثورة 25 يناير ، واعتبر بعضهم أن الثورة مؤامرة صهيونية ، ولان مصر كبيرة فقد عمدت إسرائيل الى عملية جس نبض في تونس ثم تحولت بسرعة الى مصر الهدف الحقيقي للمؤامرة ، هكذا تم تقديم ثورة الحرية والكرامة في مصر وهكذا حولوا ثورة سبعطاش التونسية العذراء النقية إلى بغي لعوب .


في تونس كما في مصر تهاطلت الأصوات المطالبة بالاعتذار من بن علي بل وصلوا الى حد مطالبته بالعودة من السعودية ، غير ان اغلب الذين فعلوا ذلك كانوا من المحسوبين على معسكر المخلوع والمجاهرين بالولاء له ، لكن ما صدر أخيرا عن النقابي سامي الطاهري فاق الراقصة المصرية والطبال او الطبابلة التوانسة ، الطاهري لم يتحدث عن الاعتذار الى المخلوع بن علي رئيس دولته الذي توج مسيرة بطشه بقتل اكثر من 200 من الشهداء ، كما اعتذرت الراقصة الى رئيس دولتها الذي توج مسيرة بطشه بقتل اكثر من 880 من الشهداء ، النقابي تجاوز الراقصة بكثير حين تحدث عن الاعتذار الى سفاح سوريا الذي وصلت فاتورته الى اكثر من 250 الف شهيد ، بينما العداد مازال يشتغل وقابليته للدم مازالت على أشدها وقدرته على إلقاء البراميل لم تتأثر بالمقابر العاجزة وطاقاتها المحدودة ، والمصيبة او الفاجعة او الكارثة او أي من عبارات الفزع الأخرى ، ان الطاهري تحدث عن الاعتذار الجمعي !!! أي نعم اعتذار الشعب التونسي الحر من باشر السفاح !! على أي جريرة يعتذر شعب تونس ؟ على تفجيره لثورة العزة التي استقبلها العالم بالاحتفاء والتبجيل !!!

شعب سبعطاش ، شعب اربعطاش ، شعب بوزيد وبوزيان والقصرين وحي التضامن ، الشعب الذي واجهت جموعه قناصة بن علي بصدور عارية وبشجاعة نادرة ، عليه اليوم وبعد ان حقق كل تلك الانجازات وخلط الدم بالإصرار بالثبات ، عليه ان ينتهي ذليلا يتسول الاعتذار من مجرم البراميل المتفجرة ! تلك شهوة آسنة لنقابي شبيح يأبى الى ان يضعها في عشاء التوانسة ، وتأبى الكرامة والعزة والثورة والوطنية والحق والعدل ذلك .
نصرالدين السويلمي