مشروع تغيير الأوراق المالية والقطع النقدية.. جدوى اقتصادية أم تقويض للثقة في الدينار



حذّر محافظ البنك المركزي السابق والخبير الدولي لعديد المؤسسات المالية مصطفى كمال النابلي من خطر
إقرار الحكومة لتغيير العملة مؤكدا أن هذا الإجراء من شأنه أن يقوضّ الثقة في الدينار مما سيؤدي إلى دفع
المواطنين ورؤوس الأموال وكل المتعاملين بالدينار إلى التعامل بعملات أخرى على غرار الدولار والأورو.
وشدد النابلي أنه إذا ما أردنا تهديم الدولة التونسية فسيكون ذلك عبر الإقرار رسميا بتغيير العملة الوطنية ٬ مؤكدا
أنه لا وجود إلى اليوم لأي قرار رسمي في هذا الشأن.
وبينّ الخبير الدولي أن التفكير في تغيير العملة هو بمثابة الخور على اعتبار أن بلادنا اليوم في حاجة إلى كسب
الثقة والعملة هي أحد مقومّات هذه الثقة وفي تغيير العملة هدم لأحد أهم اللبنات الأساسية للثقة لأنّ المهرب
والمتهرب والناشطين في الاقتصاد الموازي سيتخلون عن التعامل بالدينار مقابل الاتجاه إلى عملات أخرى وهي
الدولار والأورو وعلى اعتبار أن عملية التغيير تتطلب سنوات سيجد هؤلاء الفرصة والوقت لتغيير ما لديهم من أموال
إلى عملات أخرى.
وأوضح المحافظ السابق للبنك المركزي أن الخور يكمن أيضا في أن من يعتبر أن تغيير العملة سيمكن من توفير
السيولة اللازمة لخزينة الدولة في حين أن المهرب سيتحصل على المبلغ الذي سيغيره كاملا كون الدولة لا
يمكنها التمييز بين المهرب وغيره كما لا يمكنها في صورة التعرف عليها حجز جزء من الأموال لديها ٬ مبينّا أن تبرير
من تقدم بهذا المقترح ليس له أي معنى.
وشرح أن من يريد إعادة الأموال المتداولة خارج المنظومة المالية التقليدية عليه أن يجد حلولا جذرية لكل
مشروع تغيير الأوراق المالية والقطع النقدية.. جدوى اقتصادية أم تقويض للثقة
في الدينار؟

كلمات دليلية: القطع النقدية الأوراق المالية تونس
الإشكاليات التي يعاني منها اقتصادنا الوطني وخاصة التهريب والاقتصاد الموازي ٬ محذرا من مغبة تبني الحكومة
لهذا المقترح كونه حل جانبي في حين أن الأجدر هو البحث عن حلول عاجلة للمشاكل التي تردى فيها اقتصادنا.
الحل في تغيير العملة
أن الخروج من أزمة السيولة النقدية التي « الصباح « في المقابل أكد الخبير المحاسب وليد بن صالح في تصريح ل
تعيشها البلاد ٬ والتي ذهب البعض إلى اعتبار أنها غير كافية لتغطية أجور الموظفين وعديد النفقات الأخرى في
الفترة القادمة بعد أن سجلنا نقصا بحوالي 8 مليار دينار وهو رقم قياسي غير مسبوق بسبب تدهور وضعية
السيولة بالبلاد جراء السحوبات المكثفة من الودائع بالبنوك من ناحية وبالضغط الموجود على مستوى مدخرات
البلاد من العملة الصعبة من ناحية أخرى مما دفع بالبنك المركزي ٬ ولمجابهة نقص السيولة ٬ إلى ضخ مستويات
مهمة من النقد بالبنوك سعيا للتحكم في نسبة الفائدة المرجعية.
إن تغيير العملة من بين الحلول التي يمكنها أن توفر السيولة اللازمة لخزينة الدولة شارحا أن السيولة المالية
التي يتم تداولها خارج الإطار البنكي والتي تتحرك خارج المنظومة المالية ضخمة وتفوق 1000 مليار وهي في
ارتفاع مطّرد لذا وجب العمل على إعادتها إلى المنظومة عبر تغيير العملة التونسية حتى يجد من يتداولون
أموالهم خارج المنظومة المالية والناشطون في السوق الموازية والاقتصاد الموازي أنفسهم مجبرين على تغيير
أموالهم مما سيمكّن من توفير السيولة اللازمة وضخها لإنعاش الاقتصاد مما يسمح بتوفير سيولة مالية للبنك
المركزي والبنوك التونسية تقدر بمئات المليارات ٬ وبالتالي التخفيف من وطأة الأزمة الاقتصادية والمالية الخانقة
التي تمر بها تونس.
مقترحا لتحقيق ذلك مجموعة من الإجراءات العملية على رأسها الإسراع باتخاذ قرار بتغيير الأوراق النقدية
المتداولة وتعويضها بأخرى مشددا على أن المقترح يتطلب أن يكون متبوعا بإجراءات إدارية وبنكية ومالية بهدف
تحسين نسبة الانخراط في المنظومة البنكية التقليدية ٬ وهو ما سيمكن من التعرف عن كثب على كبار المهربين
والمتهربين من الضرائب وتتبع عملياتهم المالية غير المشروعة.
وشرح بن صالح أن مبادرته تتلخص في 5 خطوط عريضة هي مكافحة الإرهاب والفساد المالي والتهرب الضريبي ٬
وأكد أن اتخاذ قرار تغيير الأوراق النقدية إجراء عملي يمكن اتخاذه فورا من طرف البنك المركزي.
مؤكدا في ذات الصدد أن عملية تبديل الأوراق النقدية يجب أن ترافقها إجراءات عملية كأن تكون عملية التبديل
وجمع الأوراق القديمة في فترة قصيرة لا تتجاوز ستة أشهر ٬ والسماح لكافة الفروع البنكية وفروع البريد التونسي
بقبول تبديل الأوراق المالية القديمة ٬ شرط أن تتم عملية المبادلة بالنسبة للمبالغ التي تساوي أو تفوق قيمتها 5
آلاف دينار إجباريا من خلال فتح حساب بنكي وهو ما سيدفع الأشخاص الذين لا يحوزون على حساب بنكي بأن
يكون لهم حساب جار ويسهل بالتالي تتبع أنشطتهم المالية وضمان عائدات مالية حقيقية لفائدة الدولة.
وبالتوازي مع ذلك اقترح الخبير المحاسب تطبيق إجراءات اليقظة تجاه الأشخاص أو العمليات التي تدخل في
نطاق مشمولات قانون الإرهاب ومنع غسيل الأموال ٬ مشددا على ضرورة الإبلاغ فورا عن العمليات المشبوهة
واتخاذ إجراءات وقائية لمصادرة تلك الأموال أو تجميدها واعتراض تحويلها.

حنان قيراط