المهرجانات الصيفية والخصوصية: تستور الاستثناء... حلق الوادي ودقة ضاعا في الزحام..!!


انطلقت المهرجانات الصيفية كلا حسب ما توفرت له من امكانيات... وبدأت الرؤية تتضّح في كل ما له علاقة بالاختيارات التي برز فيها بون شاسع بين المطلوب والموجود.

ولئن حافظت أسماء على حضورها الدائم في المهرجانات الكبرى بدرجة أولى فإن أسماء أخرى ضاعت في الزحام... كما برزت للعيان ظاهرة «التعدي» على الخصوصية في بعض المهرجانات مما أفقدها جذوتها و«حرارتها».
الخصوصية عنوان الاستمرارية والخلود
الى وقت غير بعيد عملت عديد المهرجانات الصيفية على أن تكون عروضها ذات طابع خصوصي.. خصوصية أسست لتقليد ابداعي كان ويبقى قبلة الجمهور.. والكل يتذكر حتما مهرجان دقة الصيفي الذي كان على امتداد سبعينات وثمانينات القرن الماضي محجة كل أهل الفن الرابع في تونس والوطن العربي ومازال مسرح «الكابيتول» شاهدا على أسماء عربية وتونسية في قيمة عبد الله غيث وسميحة أيوب وسعد الدين وهبة وعلي بن عياد وغيرهم كثير... واليوم خرج مهرجان دقة عن الطريق التي تأسس من أجلها وانخرط في «طاحونة» المعتاد والمتداول فغاب في الزحام.
والكل يتذكّر مهرجان البحر الأبيض المتوسط بحلق الوادي الذي استطاع لسنوات عديدة أن يكون نقطة مضيئة في سماء المهرجانات الصيفية فهذا المهرجان الذي لا تفصله عن أعرق مهرجان في البلاد سوى بعض الكيلومترات القليلة ونعني بذلك مهرجان قرطاج نجح في أن يكون قبلة المسرحيين وحوّل «كراكة حلق الوادي» التي كانت شاهدة على غطرسة البايات الى فضاء إبداعي مسرحي متفرد..
.. وعلى امتداد سنوات التأسيس الأولى وإلى وقت غير بعيد كان مهرجان الحمامات الدولي فضاء إبداعيا مفتوحا على التجارب المسرحية العربية والمتوسطية بدرجة أولى بل كان صاحب البادرة في احتضان العروض المسرحية الحديثة فهو الفضاء الذي يقدم العرض الأول لكل عمل مسرحي جديد وهو الذي استقطب عديد الأسماء الفاعلة في الفن الرابع من عزالدين المدني الى سعد الله ونوس والقائمة طويلة في هذا المجال.
واليوم وبإدارة المبدع معز المرابط ها أن مهرجان الحمامات بدأ في استعادة «عافيته» المسرحية وبالتالي خصوصيته التي خفت بريقها.
تستور... الاستثناء
يبقى مهرجان تستور الدولي للمالوف والموسيقى التقليدية ـ وهو يحتفل هذه الصائفة بمرور خمسين سنة على التأسيس ـ الاستثناء في خارطة المهرجانات الصيفية اعتبارا لخصوصيته المتفردة المالوف والموسيقى التقليدية... توجه أسس له رواد في تستور منذ 1966 ورغم عديد الهزّات التي هبت هنا وهناك استطاع المهرجان المحافظة على طابعة الخصوصي... خصوصية هي عنوان الخلود والاستثمرارية.. وفي الذكرى الخمسين للتأسيس أعاد المهرجان مسابقته الرسمية الخاصة بفرق الهواة في المالوف حفاظا على هذا الموروث الفني من الاندثار وبالتالي يبقى مهرجان تستور الاستثناء الذي لم «يركع» لمغريات المرحلة الجديدة في خارطة المهرجانات الصيفية.